التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الزواف

#كيف تم التسلل الزواف الى العاصمة 
كيف حدث ذلك و متى ؟؟؟
 كان الزواوة يحتلون درجة متدنية في السلم الاجتماعي لسكان مدينة الجزائر العثمانية حيث صُنفو ضمن فئة البرانية و المقصود بهم الدخلاء و الوافدين على المدينة ...
عملوا كخدم في البيوت او فلاحين في بساتين القناصل و الأغنياء من الترك و العرب و الأندلسين أو حمالين في الميناء أو مرتزقة في عسكر الزواوة مهمتهم الحراسة الليلية و الكثير منهم امتهن تجارة الزيت و الشمع و العسل و التين المجفف حتى أنه كان عندهم سوق خاص بهم يسمى سوق زواوة  ...
ورغم عددهم الكبير في المدينة بحكم  قرب بلاد زواوة  من العاصمة إلا أن المستقرين منهم فيها كانوا قلة سكنت الوطَا أوالجزء السفلي من المدينة حيث الفنادق والأسواق و المقاهي ، أما الباقي فكانوا يفترشون رمال البحر بعد أن تغلق أبواب البهجة بعد صلاة المغرب كما أخبرنا حمدان خوجة...
السنوات الأولى للاحتلال الفرنسي للجزائر و بداية النهاية للنظام الاجتماعي القديم ، عرفت مدينة الجزائر أولى الهجرات المنضمة للقبايل ، هاؤلاء الوافدين الجدد جيء بهم لملء الفراغ الذي تركته العائلات العاصمية التي هاجرت أو هجرت من منازلها ، إلى ذلك الحين كان زواوة  يمثلون ما نسبته 1\12 من السكان المسلمين داخل أسوار المدينة .
هذه الهجرات التي كانت محل رفض و استهجان من طرف السكان الحضر لم تنقطع و لم تتوقف إنما تحولت بداية من سنة 1890 إلى عملية غزو بما تحمله الكلمة من معنى
حيث تدفقت جحافل زواوة خاصة أهل ازفون حاملين معهم متاعهم و حيواناتهم من غنم و دجاج ليستقروا في القصبة خاصة الجزء العلوي منها ناحية باب جديد ، نذكر منها بعض الشوارع و الأزقة مثل شارع حنبعل ، شارع الأطلس , de la Bombe, Gariba, de la Gazelle, الانكشارية , Marmot, des Pithyeuses, des Sarrazins, de Thèbes, de Tombouctou, des Vandales , rue des Abencerrages, بن علي, impasse du Palmier, سيدي رمضان ، شارع الزواف...
لقد شرعوا في تملك العقار و شراء البيوت الصغيرة "الدويرة" التي كانت تستعملها الأسر العربية والاندلسية لإيواء العبيد و الخدم ، بسبب الفقر اضطروا لبيعها لزواوة هاؤلاء الاغنياء الجدد ، اما محدودي الدخل كانوا يستاجرون غرفة او "بويتة" أو يبتون داخل المتاجر خاصة في شارع  rue Porte-Neuve  الذي اصبح تحت سيطرتهم أو في المقاهي و الحمامات مقابل مبالغ رمزية أين كان يتكدس حوالي 30 او 40 زواوي  في غرفة واحدة ، لقد حول زواوة  القصبة إلى دشرة كبيرة تنعدم فيها النظافة و الشروط الصحية ، مما ساهم في نشر الأوبئة مثل داء التيفيس الذي ضرب القصبة سنة 1910 و وباء السل سنوات 1932 و 1936 و 1949
سيطر زواوة  على سوق الشغل في المدينة عن طريق نظام بروليتاريا دشراوية ، حتى نسائهم زاحمن النساء الاسبانيات على الخدمة في بيوت الأوربيين ، أما أطفالهم فمتهنوا مسح الأحذية و بيع الجرائد....
لقد أصبحت القصبة دشرة كبيرة تفوح منها رائحة تيزي وزو عبارة كان يرددها السكان الأصليين للقصبة لتعبير عن استهجانهم لغزو زواوة لمدينتهم ، ومن جملة ما احتفظت به الذاكرة الشعبية لسكان القصبة هو المثل زواوي بونو بونو جاب الخرى في عبونو" و مثل آخر ذكره العلامة ابي شنب "الزواوي  اذا تبلد كيف الطبل إذا تجلد" كنوع من الرفض و الاستهزاء بهؤلاء الوافدين  و الدخلاء بعاداتهم المستهجنة
هذا الغزو الذي نجم عنه إنتشار الأمراض و الأوبئة و كذلك  إنتشار الآفات الاجتماعية مثل السرقة و إنتشار اماكن المجون و مدمني الخمر و الدعارة التي امتهنتها حسب المصادر الفرنسية بعض النسوة تنحدرن من قبيلة زرخفاوة و اث جناد 
هروبًا من هذا المحيط الموبوء ومن الاحتكاك بهؤلاء الدخلاء هاجرت الأسر العاصمية العريقة و الميسورة من عرب و كراغلة و اندلسيين نحو الأحياء الأوروبية الأكثر احتراماً مثل بلكور ، بولوغين ، حيدرة ، حسين داي ، القبة ... أما الفقراء منهم نزحوا إلى حي باب الواد ..
وبحلول سنة 1930 تم قبلجة القصبة بالكامل كما أخبرنا "جان موريزوت" في كتابه LES KABYLES : PROPOS D'UN TÉMOIN  ، و هذا ما يؤكده إحصاء سنة 1936 حيث شكل زواوة ثلث سكان القصبة فمن أصل 75876 من سكان المدينة المسلمين كان عدد زواوة  21509 
أستمر ازواوة في التوافد على المدينة التي ضاقت بهم في أربعينيات القرن الماضي مما ألجأهم لبناء الاكواخ خارج أسوار المدينة القديمة مشكلين بذلك النواة الأولى للأحياء  القصديرة التي وصل عددها سنة 1941 الى 395 كوخ يقطنه حوالي 4805 شخص اغلبهم زواوة  ، اغلب هذه الاحياء كانت في اتجاه الغرب او الشمال الغربي للقصبة و أكبرها كان بالقرب من مقبرة القطار ....
كان هذا قبل الإستقلال اما بعد 1962 فالكل يعلم كيف احتل القوم الاحياء الراقية في قلب مدينة الجزائر  وهنا تحضرني حادثة رواها لي أحد معارفي من زواوة  عن أحد أبناء دشرته الذي كان قيادي في المنطقة العسكرية المستقلة للعاصمة عشية الإستقلال ، حيث أمر جنوده بمنع أبناء الأهالي من اقتحام الشقق الفارغة في حي باب الواد بينما أرسل في طلب أبناء دشرته لملئ الفراغ الذي تركه الأقدام السود
هكذا و باختصار شديد جدا تم قبلجة القصبة و تحول باب الواد إلى باب الدشرة بعدما كان يسمى بباب العرب كما ذكر  "كورين شوفالييه"

•documents algeriens 9/10/1951.
•L'Algérie révélée: la guerre de 1914-1918 et le premier quart du XXe siècle.
•Tout l'inconnu de la Casbah d'Alger 1933.
•LES KABYLES : PROPOS D'UN TÉMOIN ، Jean Morizot
•Le problème démographique Nord-Africain - Louis Chevalier 
•Les institutions pénitentiaires de l'Algérie, 1899

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اللهجة الجزائرية العامية الفصيحة

كلمة حاوزه في لهجة تيارت. عربية فصيحة وراقية  نستعملها بمعنى طارده .والاطفال عندنا يلعبون لعبة المحاوزة ،اي المطاردة حاوز - محاوزة 1 - حاوزه : طارده . 2 - حاوزه : خالطه . 3 - حاوز الشيء : وطئه . المصدر المعجم: الرائد، ولسان العرب